رئيس الوحدة التنفيذية السعدي: اليمن ثقب أسود للمساعدات بدون إشراك الحكومة
يكشف رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن نجيب السعدي عن أعداد النازحين في المناطق المحررة يزيد عن مليونين و856 ألف نازح، وبنسبة 70 بالمائة من إجمالي النازحين داخلياً. ويشدد على المنظمات الإغاثية أهمية إشراك الجانب الحكومي قائلاً إن “اليمن سيظل ثقباً اسود يلتهم كل المساعدات دون أي اثر مالم يتم اشراك الجانب الحكومي والعمل من خلاله”.
وفي حواره مع “عدن الغد”، يكشف السعدي تفاصيل بشأن مهام الوحدة التنفيذية التابعة لرئاسة الوزراء، والتي يجري ذكرها مع استمرار وتفاقم أزمة النزوح. ويؤكد أن الأموال التي صرفت في العملية الإنسانية كبيرة ة في مقابل عدم وجود أثر ملموس، بسبب الحاجة للانتقال من خطة الطوارئ إلى المشاريع.
وفيما يلي نص الحوار:
حوار: علي جعبور – عدن الغد
البداية من الوضع الحالي للنازحين.. كيف يمكن أن نلخصه بسطور سواء من حيث الأعداد أو الاحتياجات؟
المناطق المحررة أصبحت ملاذا لكثير من المواطنين الذين يفرون إما من الحرب او من بطش مليشيا الحوثي ففي المناطق المحررة وبحسب اخر إحصائية يوجد مليونان و856 ألف نازح اصل أربعة مليون ومائة الف نازح، اجمالي النازحين في جميع المحافظات، أي بما يشكل نسبة 70% من اجمالي النازحين في اليمن. ومن المؤسف اننا اليوم وبعد سبع سنوات من النزوح لازلنا نتحدث عن الاحتياجات الطارئة للنازحين من مواد إيوائية ومأوى وسلات غذايئة، هذا ناتج عن انعدام التخطيط الإنساني الكفوء، لأننا من المفترض اليوم أن نتحدث عن تأهيل النازحين والاحتياجات الضرورية لتمكينهم من الحصول على مصادر دخل ثابته وأن يظلوا منتظرين للمساعدات.
وبالنسبة لأهم الاحتياجات، واعتقد أن التعليم يعد احتياجا ملحا وكبيرا ويجب ان يتم دعم العملية التعليمية بكاملها، كذلك المياه والاصحاح البيئي والصحة.. هذه ابرز الاحتياجات إضافة الى تبني المشاريع المجتمعية التي تهدف الى ترميم السلم المجتمعي وتعزيزه بين مختلف الفئات.
كيف يتم تلبية احتياجات النازحين وما هو دور الوحدة في تلبية الاحتياجات؟
دور الوحدة يتركز على إدارة أوضاع النازحين وتحديد احتياجاتهم والرفع بها للمنظمات المعنية ومتابعتها ومن ثم تسهيل عمل المنظمات وتسهيل وصولها للنازحين وتذليل أي عوائق قد تعترضهم ومن ثم تقييم تدخلات المنظمات ومعرفة مدى جودة وكفاية الخدمات المقدمة للنازحين.
تحدثت تقارير عن دعم العملية الإنسانية خلال السنوات الست بـ34 مليار دولارـ ومع ذلك فإن الوضع الإنساني زاد في التدهور، هل تتفقون مع من يرون الطبيعة الآنية للمساعدات وعدم استغلالها بمشاريع مستدامة هو السبب في ذلك.. وما هو دوركم في عملية الرقابة وتوجيه العمل الانساني؟
صحيح ان الأموال التي صرفت في العملية الإنسانية كبيرة لكن لا يوجد اثر ملموس او مشروع مستدام، وهذا يرجع الى ان المنظمات عملت خلال السنوات الماضية وفق خطة الطوارئ والتي من المفترض الا تزيز عن ستة اشهر ثم يتم الانتقال لخطة الإنعاش المبكر كما انها عملت دون استراتيجية خروج تضمن ديمومة المشاريع. لذلك نحن طالبنا ولا زلنا نخوض نقاشات مع شركاء العمل الإنساني وعلى راسهم السيد ديفيد غريسلي المنسق الإنساني ونائبه حول عدة نقاط، منها اشراك الجانب الحكومي في التخطيط الإنساني والعمل من خلال موفري الخدمات الحكوميين وتبني استراتيجية خروج دمج العملية الإنسانية بالتنموية واننا على ثقة ان تبني هذه النقاط سيحدث نقلة نوعية في كفاءة العمل الإنساني.
عند مراجعة بيانات المساعدات، لاحظنا في العام الماضي خلال اعتماد خطة الاستجابة الإنسانية، جرى اعتماد أرقام النازحين والسكان وتوزيع السكان بنسبة 73% في مناطق سيطرة الحوثي و27% في مناطق المحررة.. ولك أنت شخصياً تصريحات تلفزيونية سابقة، وقد سمعناكم في إحدى المقابلات تتحدثون عن نقاش لتعديل الإحصائيات الى أين وصلتم وما انعكاس اعتماد هذه النسب على النازحين والسكان عموما برأيك؟
نعم بكل أسف؛ تم اعتماد الاحصائيات بالنسب التي تفضلتم بها وقد اعترضنا منذ البداية ولكن لم يستجيب لنا احد، وبعد الضغط واشراك مختلف الجهات مثل الخارجية والتخطيط والجهاز المركزي للإحصاء تم الجلوس مع الأوتشا واتضح ان الاحصائيات التي اعتمدت عليها كانت تقديرية وغير واقعية ونحن الان نحاول معهم لتصحيح هذه الاحصائيات حتى لا يتكرر الخطأ السابق ويحرم كثير من النازحين والفئات الضعيفة من المساعدات.
كثيرون يتحدثون عن أن عن أن دور الجهات الحكومية في العملية الإنسانية غائبٌ أو شبه مغيب.. برأيكم ما هي الأسباب وكيف يمكن تفعيل دور الجانب الحكومي؟
صحيح هناك قصور كبير في دور الأجهزة الحكومية والسبب أولا يعود لضعف الخبرة لدى الجانب الحكومي بالعمل الإنساني واليات عمل المنظمات، وثانيا بسبب ان الجهات الحكومية تعمل من منطلق التنافس وليس التكامل. كذلك ان بعض الجهات تعمل من منطلق اجتهادات شخصية وعطلت العمل بالمنظومة القانونية المنظمة لعلاقة الجهات الحكومية بالمنظمات وبالعمل الإنساني بشكل عام.
ما هي خططكم المستقبلية للارتقاء بالعمل الإنساني وتحسين مستوى خدمة النازحين؟
نحن نرى ان بناء القدرات للفرق العاملة في المجال الإنساني وتوفير المعلومات اللازمة وبشكل دقيق وفي الوقت المناسب هي عوامل أساسية للارتقاء بالعمل الانساني ونحن نعمل على سد هذه الفجوات نعمل بقدر امكانياتنا المتاحة ورغم شحتها الا اننا نعمل وسنصل الى ما نريد.
ما الذي تحقق برأيكم خلال أكثر من عامين في مجال بناء الوحدة التنفيذية وتأهيلها؟
نحن نقوم باستكمال البناء المؤسسي للوحدة وعمل اللوائح والأدلة والإجراءات الضرورية واللازمة سواء في جانب المهني وإدارة العمل الإنساني او الجوانب الإدارية والمالية استطعنا أيضا تشكيل فريق من العاملين والمتطوعين في جميع المناطق المحررة ونتواجد في كل مكان فيه نزوح. امتلكنا القدرة والخبرة لإدارة عملية الإنسانية للنزوح الجديد وبكل قدرة وكفاءة، وتم تدريب عدد كبير من كوادر الوحدة ولازالت العمليات مستمرة.
أصبحت علاقتنا بالمنظمات الدولية وبالميدان جيدة وممتازة نسعى الى اتمته المعلومات واتمته عمل الوحدة كما نسعى الى الوصل الى تطبيق عده مبادى رئيسي في الإدارة (الشفافية، المسالة، والشمولية).
هناك أخبار تتحدث ان السلطات المحلية في بعض المحافظات ومنها عدن وتحديدا مديرية دار سعد تعتزم طرد النازحين بدعوى أنهم يشكلون ضغطاً على الخدمات في المديريات.. ما تعليقكم على ذلك وماهي الإجراءات المتخذة من قبلكم لمواجهة مثل هذه الإشكالية؟
صحيح تلقينا خطابا من قبل مدير مديرية دار سعد يطلب نقل النازحين وهذا اجراء مبالغ فيه، وأيضا في مجازفة كبيرة كون نقل النازحين او اخراجهم ليس بالأمر السهل فنقلهم يحتاج أولا الى إيجاد أرضية مناسبة بحسب المعايير العالمية وبعد ذلك حشد الدعم الكافي لنقلهم ولتوفير كفاءة الخدمات لهم، وهذا يحتاج الى وقت وجهد وتواصل، كما ان النازحين يعتبرون من الفئات الأشد ضعفا ومحميين بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني خصوصا ونحن في اليمن واقعين تحت الفصل السابع.
هناك حالة من التحريض على النازحين يتبناها ناشطين بعضهم محسوب على الانتقالي كيف تنظرون إلى ذلك؟
أولا اود أن أوضح ان النازحين ووجودهم يعد خير على المجتمع وليس عبئاً عليهم كون جميع المساعدات تقريبا مرتبطة بالنازحين فالمساعدات المقدمة لأبناء أي محافظات هي بسبب ان هذه المحافظة استقبلت نازحين كذلك تركز المنظمات على تقديم مشاريع لدعم الخدمات في المناطق التي يتواجد فيها نازحين. ففي دار سعد مثلا قدمت المفوضية السامية للاجئين مشروعين لدعم المياه والصرف الصحي قيمته خمسة مليون ومائتي الف دولار قدمته لان المديرية يتواجد فيها عدد من النازحين واللاجئين وهذا يعد فائدة للمديرية والمجتمع.
هناك ناشطون يحرضون على النازحين وهم يقومون بذلك عن جهل بمخاطر هذا التحريض ولكن لا نستطيع ان ننسب ما يفعلوه للمجلس الانتقالي فالمجلس متعاون مع النازحين ويسهم في حل كثير من الإشكاليات التي قد تظهر هنا او هناك.
حصلنا على أخبار عن تقدم السلطة المحلية بالجوف بدعوى قضائية عليكم في مارب؟ هل هذا صحيح وما قصتها؟
نعم هذا صحيح؛ فقد تقدمت السلطة المحلية بالجوف ممثلة بوكيل المحافظة المهندس عبدالله الحاشدي بدعوى قضائية ضد الوحدة التنفيذية. والسبب انه وبعد سقوط محافظة الجوف حصلت موجة نزوح كبيرة الى مارب كان على راس النازحين السلطة المحلية في الجوف قمنا بدورنا باستقبال النازحين ورفع احتياجاتهم ومتابعتها لدى المنظمات وتواصلت معنا السلطة بانهم يطالبون بان نفتح مكتب للوحدة التنفيذية الجوف في مارب ليقوم بإدارة شؤون النازحين الذين نزحوا من الجوف.
اوضحنا لهم أن هذا غير قانوني وغير منطقي كون النازحين الذين في مارب تحت مسؤولية الوحدة التنفيذية والسلطة المحلية بمأرب واننا لو عملنا كما طلبوا فإننا سنكون بحاجة لفتح 22 مكتباً للوحدة في مأرب، كون النازحين من جميع المحافظات. ولكنهم أصروا على ذلك واقدموا على إجراءات غير قانونية قابلناها بالرفض الامر الذي جعلهم يتقدمون بدعوى كيدية بهدف الضغط علينا لنقبل عبثهم بالقوانين والأنظمة.
لكن حسب ما قرأنا فإن السلطة المحلية تحدثت عن تخليكم عن مسؤولياتكم في تقديم الخدمات للنازحين.. وأنكم اسقطتم محافظة الجوف من خططكم الإنسانية.. ما ردكم؟
هذا غير صحيح. قمنا بما يحتمه علينا واجبنا ومسؤوليتنا ونستطيع اثبات ذلك. اما موضوع ادعائهم اننا اسقطنا الجوف من خططنا الإنسانية هذا غير صحيح كونهم هم من اسقطوا الجوف بيد الحوثي ولم يعد لدينا القدرة على العمل داخل الجوف. هناك جزء من مديرية خب والشعف ونحن نعمل جاهدين على ان تشكلها المنظمات بتدخلاتها لكن السلطة المحلية منعتنا عن ممارسة اعمالنا وتريد ان تعمل بطريقتها التي هي في الأصل منافية لأبسط قواعد العمل الإنساني، هذا فضلا عن ان السلطة المحلية التي هي معنية بحماية النازحين وتوفير مناخ ملائهم لإقامتهم ادارت وبكل اسف حرب ضد النازحين نخجل ان نتحدث عنها لما تمثله من عمل مناف لكل القيم والأخلاق الإنسانية فضلا عن الواجب والمسؤولية العملية.
ما هو تأثير الخلاف مع السلطات المحلية بالجوف والوحدة التنفيذية على النازحين؟
بخصوص النازحين في مارب او حضرموت من أبناء الجوف فلا يوجد أي تاثير كون الوحدة ترعاهم وتتابع احتياجاتهم عدى ان تدخلات السلطة المحلية بالجوف وتواصلها مع المنظمات بخصوص النازحين في مارب خلق ارباك لدى المنظمات لكننا نحاول قدر الإمكان معالجته وتجاوزه.
الإشكالية تقع على النازحين في مديرية خب والشعف هم المتأثرون بسبب ممانعة السلطة للوحدة ان تقوم بمهامها هناك فلا هم سمحوا لنا ان نعمل نقدم للنازحين خدمات ولا انهم اشتغلوا وغطوا الفجوة الحاصلة هناك.
أخيراً.. كيف يمكن أن تلخص أبرز الاحتياجات للنهوض بالعمل الإنساني في اليمن؟
التنسيق الوثيق بين الجانب الحكومي والمنظمات الدلية والعمل من منطلق التكامل واشراك الجانب الحكومي في التخطيط، وتوفير قاعدة بيانات تفاعلية وموحدة لتحديد الاحتياجات وتتبع المساعدات الإنسانية بما يسهم في منع الازدواج في المشاريع والمستفيدين.
رسالة أخيرة تود قولها؟
رسائل وليس رسالة، والأولى للحكومة، نؤكد أنه رغم كل المعوقات والصعوبات لكن بإمكاننا ان نعمل في أماكن محدده علينا ان نركز عليها ونعمل فيها وستكبر المساحة الممكن العمل فيها يوما بعد يوم.
ورسالتنا للمنظمات الدولية نقول إن اليمن سيظل ثقباً اسود يلتهم كل المساعدات دون أي أثر مالم يتم اشراك الجانب الحكومي والعمل من خلاله. كذلك نقول إن هناك مخيمات بدون ماء منذ ستة اشهر ولم تحرك ساكناً للأسف.
أما للسلطات المحلية والمجتمع المضيف أقول: النازحون خير لكم وليس شر بفضل النازحين يحصل الكثيرين من المجتمع على خدمات ومساعدات وبالإمكان أن يتم تأهيل كثير من الخدمات والبنى التحتية باسم النازحين اذا احسنا إدارة الملف، وأي ممارسات أو اختلالات تحسب على نازحين حالات فردية لا يمكن تعميمها.